في الواقع إستحقت الطرق والجسور بكوادرها الوطنية وبقيادة مديرها العام المهندس مستشار جعفر حسن ٱدم ؛ إشادة الدولة لدورها الكبير والمشهود في خندق معركة الكرامة وقد خصصت وحدة خاصة للتدخل العاجل من كوادرها لمقابلة متطلبات هذه الطرق القومية العاجلة والطارئة منها ، في وقت سيطرت فيه مليشيا الدعم السريع المتمردة المدعومة إماراتيا علي معظم الطرق والكباري بالبلاد وفرضت عليها رسوم وجبابات ملايين الجنيهات (سمبلة) بقوة السلاح وبذلك فقد المواطن الأمن والطمأنينة والتنمية والخدمات .
وبل ظلت الهيئة القومية للطرق والجسور في مقدمة الركب ويشهد لها طريق الكرامة (القضارف – الحواتة – أم رخم – الدندر) بطول (150) كلم والذي تم تشييده إبان أحلك ظروف الأزمة في (45) يوما طريقا بديلا للطريق القومي (القضارف – ود مدني) مما كان له الفضل في تحرير جبل موية والدندر وسنجة والسوكي والحاج عبد الله وود مدني وأم روابة والرهد وفك حصار الأبيض حيث تم نقل عتاد واحتياجات متحرك الصياد والمتحركات في النيل الأبيض وكردفان وغيرها .
بل حافظت الهيئة علي شبكة الطرق والكباري والتي تعتبر أساس الإعمار والتنمية والخدمات وهي ثروة قومية وصناعة مكلفة يتجاوز تكلفة تشيبد الكيلو متر الواحد منها (مليون) دولار ؛ وتعتبر الطرق من ضرورات النهضة والتطور لأجل المواطن صاحب الحق الذي يستحق أن ينعم بالتنمية والخدمات والتي تتقاطع عندها جدلية الامن والتنمية ، فلا تنمية بلا أمن ؛ كما أن التنمية ضرورية ليسود الأمن والإستقرار .
ولذلك إستهدفتها مليشيات الدعم السريع المتمردة في حربها التي أشعلتها 15 أبريل 2023 بتمرد قائدها حميدتي بعد أن كانت ذراعا تتبع القوات المسلحة والتي أوكلت لها مهام وتكاليف ولكنها غدرت بأمانة التكليف هذه وخانت العهد لمصالح ذاتية وتقاطع أجندات إقليمية ودولية ؛ وبل قصدت المليشيا بصورة ممنهجة السيطرة الكاملة علي الطرق والجسور بالبلاد وفرضت قيود عليها ؛ خنقت المواطنين في خدماتهم وتحركاتهم بعد إن خربت البنية التحتية ودمرت مشروعات التنمية والخدمات تجاوزت تقديراتها المبدئية (770) مليار دولار ومن بينها الطرق والكباري .
علي كل رغم ذلك حافظت الهيئة القومية للطرف والجسور علي شبكة الطرق والكباري من صيانة دورية وغيرها للمحافظة علي ماهو موجود من الطرق لتكلفتها العالية في ظل تصاعد الدولار، مما أدخلتها في مديونيات كبيرة لدي الجهات المقاولة ؛ وبما أن وزارة المالية أوكلت للهيئة كافة أعمال الصيانة إعتمادا علي موارد الهيئة الذاتية وليس لها إلا رسوم عبور الطرق المجازة بقانون رسوم الطرق والعبور القومية والتي يتم تحصيلها بإتفاق بموجب ورنيك المالية (15) .
ولذلك وفي إطار محافظتها علي شبكة الطرق القومية ، دفعت الهيئة القومية للطرق والجسور بمقترح لزيادة رسوم عبور الطرق والجسور القومية وقد أجازتها وزارة المالية لتطبيقها خلال الأيام المقبلة لتواكب القليل من إحتياجات الصيانات الدورية السنوية والروتينية والطارئة المتمثلة في (صيانة الطرق (زيرو حفر) والكبارى والعبارات ، الحماية الحجرية ، إزالة الكثبان الرملية بسبب الزحف الصحراوي، السلامة المرورية فضلا عن طوارئ الخريف).
وبالتالي جاء مقترح زيادة رسوم العبور بعد دراسة للوضع بصورة عامة من أجل تحسين الطرق وتشييدها فضلا عن الحفاظ عليها ؛ وارتكزت الهيئة في مقترحها علي عدة مبررات موضوعية منها الزيادة الكبيرة في سعر الدولار مما أدى لارتفاع تكلفة المواد التشغيلية اللازمة ، ومنها الزيادة الكبيرة في أسعار مواد الاسفلت والتي تجاوز 1100 دولار للطن مقارنة ب950 دولار في الربع الثالث من العام الماضي 2024 ، والزيادة الهائلة في كل قطع الغيار للشاحنات والمركبات حيث زادت بنسبة 100%، علاوة علي الزيادة الكبيرة في أسعار الجازولين من 10 آلاف عند توقيع الصيانة خلال العام الجاري الي 17 ألف جنيه للجالون الآن ، بجانب نسبة إهلاك الآليات والتي تمثل نسبة 25% من تكلفة الجازولين .
علي كل فإن الزيادات الكبيرة في أسعار المواد التشغيلية هذه إضطرت الهيئة القومية للطرق والجسور إقتراح هذه الزيادة المعتبرة في رسوم العبور ؛ ولكنها أيضا راعت فيها ظروف المواطن صاحب الحق ورؤية شركاؤها والمحافظة علي شبكة الطرق والكباري القومية لأجل إنسياب سلس للحركة ؛ زادت نسبة الرسوم 100% مقارنة بالعام الماضي 2024 ، حيث أصبحت رسوم عبور البص السفري (الخرطوم – بورتسودان) أقل بكثير من سعر تذكرة الراكب الواحد بالبص ، فيها لا يتجاوز رسوم عبور الشاحنة تكلفة شحن طن واحد ، ولا تتجاوز رسوم عبور السيارات الصغيرة 50% من سعر جالون البنزين ؛ وبكل تأكد ستسهم هذه الزيادة مع قلتها في إنسياب بعض عمليات التأهيل والصيانة المطلوبة .
في تقديري الخاص أن هذه الرسوم الجديدة بذاتها ليست كافة في ظل إرتفاع الدولار المتصاعد والزيادات الكبيرة في المواد التشغيلية ؛ ولكنها خطوة يمكن أن تساعد الهيئة في المحافظة علي هذه الثروة القومية ويظل التحدي الأكبر
تضافر الجهود الرسمية والشعبية وعلو كعب المسؤولية الوطنية للمحافظة علي شبكة الطرق كثروة قومية والتمسك بالقيم وتنفيذ الضوابط واللوائح والقوانين وتفعيل قانون حماية الطرق .
الرادار .. الخميس التاسع من إكتوبر 2025 .