المعادن من الوزارات التي لا يزال يدور بشأنها جدلا كثيفا ، فهلت رست سفينتها لوزيرها محمد بشير أبو نمو كبير مفاوضي حركة تحرير السودان (مناوي) أم لمنافسه نور الدائم طه أم لجهة أخرى منافسة ، المهم عندي أن هذه الوزارة المفصلية المهمة في إنتظار الشخص المؤهل الذي يقودها يجب أن يكون خبيرا في مجال الجيولوجيا وليس مجرد صراعات وترضيات عنترية وطق حنك ، مثلما يدور الجدل حارا الآن بشأن إتفاقية جوبا للسلام مما يؤكد بأن هنالك إتفاق آخرا تحت الطاولة ..!.
لا سيما وأن الدكتور ضيو مطوك مقرر الوساطة بدولة جنوب السودان قال حسب شهادته أن الإتفاق منح الحق لكافة المسارات المشاركة في السلطة في القضايا القومية ، ولذلك لا يزال الجدل والخلافات تراوح مكانها بشأن مسارات (الشمال ، الشرق ، الوسط) وبكل أسف لا تشمل هذه المسارات ولاية شمال كردفان المظلومة فقد ظلت الولاية الوحيدة بالسودان دون رفيقاتها هاملة وتايهة بين المسارات .
علي كل فالسودان حباه الله بأكثر من (30) من المعادن منها (الذهب ، الفضة ، النحاس ، الحديد ، الكروم ، اليورانيوم ، الرخام والمايكا ، الرمال السوداء ، الماس
وغيرها، فيما لا تخلو ولاية بالبلاد من الذهب والذي بسببه غزا محمد علي باشا السودان ، وكان الذهب سببا في غرور حميدتي ودعم الإمارات لمليشيا آل دقلو المتمردة ، وبسبب الذهب يخطط بن زايد للسيطرة علي جبال النوبة الغنية بالمعادن ، بينما كان الذهب المنقذ لخزينة حكومة البشير عقب إنفصال جنوب السودان وذهاب البترول ، رغم الاتهامات لها بالفساد والمحسوبية والرشاوي والتهريب ، وبسبب ذات وزارة المعادن كادت أن تنهار إتفاقية جوبا للسلام .
ولكن أيضا الوزارة شهدت صراعات عميقة وتقاطعات مصالح في عهد الإنقاذ بشأن التعاقدات ومن بينها مع شركة سيبرين الروسية للتنقيب عن الذهب ، وبلغت التوترات ذروتها فأقعدت بالعمل ، وأخيرا تقدم الخبير الروسي السوداني الدكتور جيولوجي محمد أحمد صابون الذي تم التعاقد معه خبيرا ومستشارا جيلوجيا بوزراة المعادن بالسودان ، تقدم الرجل بإستقالته حفاظا علي كرامته وسمعته وعاد لروسيا حيث رحبت به خبيرا جيلوجيا ومستشارا لديها ، ولكنه لايزال يعمل لخدمة وطنه الأم السودان بجهوده الخاصة عسكريا وإقتصاديا وسياسيا وإجتماعيا .
مع الأسف الشديد كان يجب أن يتحول هذا الصراع في الوزارة الإيرادية المهمة التي تنتظرها المجتمعات المنتجة للقيام بالمسؤولية المجتمعية ، يجب أن يتحول هذا الصراع لثورة وطنية تصحيحية في أداء الوزارة بدا من وزيرها وقياداتها وموظفيها وتطوير مقدراتهم وتلك رسالة لحكومة الأمل لوضع الرجل المناسب في المكان المناسب ، وبل تطوير الوزارة تقنيا وفنيا وترقية وتطوير أصولها ، فلا تزال هذه الوزارة لا تمتلك معمل كيميائي لتحليل العينات والنماذج بل ترسلها لخارج البلاد لتحديد حجم الإنتاج ، كما أن عمليات التقييم للإحتياط بالمربعات المختلفة تحتاج لأساليب حديثة وتقنيات متطورة لعمليات الفرز مابين إنتاج الذهب والفضة والنحاس وغيرها من المعادن .
في الواقع أن الحرب طالت وزارة المعادن في حقولها ومكاتبها ومؤسساتها تدميرا ممنهجا من قبل المليشيا المتمردة طال بنيتها التحتية وكل قاعدة البيانات والوثائق والمعلومات الجيولوجية والمعدنية ، لا أدري بماذا عادت لجنة المستشار الجيلوجي أحمد هارون من بالخرطوم بعد أن تفاجأت بأن المليشيا دمرت كل ذلك وطالت كل الداتا الخاصة بالمعادن بالبلاد حالها حال كل مرافق ومؤسسات الدولة .
علي أي حال أنصح الوزارة بأن تستعين بالمستشار الجيلوجي سابقا للوزارة الخبير الدكتور صابون اعتقد بطرفه كل الداتا الرقمية والورقية والخرائط الجيولوجية وغيرها بشأن المعادن بالسودان في روسيا وقد ظل صابون مهموما بقضايا وطنه يقدم الغالي والنفيس ونحن نعلم بإنه لا يزال يساهم بجهوده لحلحلة الكثير من إشكاليات البلاد ولابد من شركات دولية في مجال التعدين .
علي العموم فإن المعادن من الوزارات الإستراتيجية في العالم في الإستقرار والتنمية والخدمات والإقتصاد سويا مع الزراعة والمياه والطاقة ، وأصبحت جميعها تشكل محور الصراع حول العالم لا سيما في السودان بموقعه المميز الإستراتيجي وعليه نطلب من حكومة الأمل المرتقبة أن تعمل علي تطوير شراكات إستراتيجية دولية في مجالات المعادن
لا سيما مع روسيا لتطوير وسائل الإنتاج .
الرادار .. الإثنين 30 يونيو 2025 .